التطوع بين الزوجين المتخاصمين
التطوع بين الزوجين المتخاصمين
أذكر مرة كنت في العيادة وجاءتني امرأة إلى العيادة تسعى، أريد الطلاق من زوجي، لماذا أيتها السيدة؟ هو راقي كل الرقي
وأنا كذلك أيضاً، هو نبيل كل النبل وأنا كذلك، ولكن لا أدري لم أشعر براحة معه ، أدركت أن بلغة الحب لن أستطيع أن أعالج المشكلة،
لأنها تعاني من توتر، لكن لغة النبل والرقي التي بدأت بها لو وظفتها على أرض الواقع لربما استطاعوا أن يغنوا الحب لاحقاً. اقترحت عليهم
أن يشتركوا في عمل تطوعي!! تقوم علاقتهم الزوجية على التطوع هم أزواج في التطوع لا شيء آخر في الحياة لا يطلب منها أن تحبه ولا تطلب منه الحب،
لا يطلب منها واجبات منزلية ولا تطلب منه واجبات أسرية، ما هذا: أليست زوجته؟ أليس زوجها ؟! أردت أن أدخل إلى الحب من باب آخر..
باب النبل والرقي الذي يملكونه وليس من باب الواجبات الذي ضعَّف العلاقة بينهما، فانطلقوا في أعمال تطوعية، الصرف على الفقراء وغيرها وصارت
هذه علاقتهم لا يلتقون في أي أمر إلا لقاء التطوع، يأكلون مع بعضهم ولكن لا يتحدثون إلا عن التطوع لا يتحدثون عن الواجبات والأطفال ولا يتحدثون
عن أي شيء آخر.
بعد مضي شهر أو شهرين جاءوا إلى العيادة رأيت شيئاً من الحب في أعينهم فطلبت منهم أعمالاً تطوعية أكثر، لأني لم أجد ذلك الحب الذي يكفي
أن أتكئ عليه لكي أعالج مشكلاتهم الزوجية، فانطلقا حتى جاءوا بعد ستة أشهر فإذا بعلاقتهم الزوجية عادت إلى شكل مميز، قيس ينظر إلى ليلى
وليلى تنظر إلى قيسها. لبناء الحب أحياناً نستطيع من باب التطوع - إذا كان الزوجان يعنيهما العمل التطوعي- أن ألجأ إلى ما يسمى (الارتباط الشرطي) ،
أربط الزوج – في حس الزوجة - بمحبوب لها هو العمل التطوعي، وأربط الزوجة – في حس الزوج- بمحبوب له هو العمل التطوعي، فينتقل ذلك الحب
من العمل التطوعي وينتشر ، فيشمل من حول ذلك الزوج وتلك الزوجة، فينتعش الحب وتكون المرجعية في تقييم الحب ليس إلى الواجبات أو الرومانسية
المبالغ فيها وإنما إلى قيمة ذلك الإنسان عندي فأبدأ بدغدغة الحب والمشاعر بشكل خفي وتدريجي حتى تقوم العلاقة من جديد، ونحافظ عليها بالتطوع
وبأشباهه من الأمور التي يعتبرها الزوج والزوجة رقياً ونبلاً فيلتقي الماء على أمر قد قُدر.