هل الأدوية النفسية تؤدي إلى الإدمان؟
هل الأدوية النفسية تؤدي إلى الإدمان؟
اعتقاد بعضهم أن الأدوية النفسية ما هي إلا نوع من المخدرات، ولذلك فإنها ـ في ظنهم ـ تؤدي إلى الإدمان.
ولذلك فإنه بمجرد ما يعلم بعض الناس عن قريب أو صديق أو ربما شخص قابله في مكان عام أنه يتناول أدوية نفسية حتى يبدأ
بتخويفه منها، ويسرد القصص والأمثلة عن أشخاص يعرفهم تناولوا أدوية نفسية ولم يستطيعوا الخلاص منها على حد زعمه.
ولذا فإننا نلاحظ أن عدداً ليس بالقليل من المرضى ينفق الوقت الطويل في مفاوضة طبيبه في صرف أقل جرعة ممكنة ولأقصر
مدة ما أمكن، نظراً لما يحمله الناس من خوف شديد من الأثر الغامض الذي يعتقدونه عند الدواء النفسي الذي يُعد الإدمان أحد
آثاره المعروفة ـ كما يظنون ـ .
ولعل هذا الاعتقاد جاء من عدة أمور منها:
ـ كان يتم صرف الأدوية النفسية ـ وللأسف أنه لا يزال كذلك في بعض المناطق ـ بوصفات خاصة ذات لون مختلف
عن الوصفات العادية، ولا يتم تسلمها إلا بعد إظهار البطاقة الشخصية، وتوقيع المريض أو ولي أمره خلف الوصفة الطبية.
ـ حدوث النعاس والخمول بصفتهما أثرين جانبيين لتلك الأدوية، مما يربطهما في حِسِّ كثيرٍ من الناس بآثار المخدرات.
ـ وجود بعض الأمراض النفسية المزمنة التي تستدعي العلاج المستديم، فيظن البعض أن عدم قدرة المريض على التكيف
مع الحياة والعيش بطمأنينة بدون تلك الأدوية هو بسبب إدمانه على الدواء، لا بسبب طبيعة تلك الأمراض التي تحتاج إلى علاج،
ربما يمتد مدى الحياة.
ـ تعميق بعض المعالجين بالقرآن (الرقاة) ـ هداهم الله ـ هذه النظرة الخاطئة في نفوس الناس، حيث يشترط بعض الرقاة للعلاج
بالقرآن أن يتوقف المريض أولاً عن تناول الأدوية النفسية لأنها ـ كما يزعمون ـ مخدرات تحبس الجنَّ في العروق !!،
وتنشّفُ الدماغ!! وتمنع بلوغ أثر القرآن!!.
ـ تعميق بعض الأطباء غير النفسيين وكذلك الصيادلة لهذا المفهوم في أذهان الناس.
ـ توقف بعض المرضى النفسيين عن تناول الأدوية عند حدوث بعض التحسن في حالاتهم النفسية، مما يؤدي إلى حدوث الانتكاسة،
فيظنون أن تلك الانتكاسة إنما حدثت بسبب إدمانهم تلك الأدوية.
ـ انتشار الأمراض النفسية بين مدمني المخدرات والكحول.
ولعلنا نتوقف مع هذه الأسباب ونناقشها بشيء من التفصيل حسب تسلسلها الذي ذكرناه:
ـ أصبح صرف أكثر الأدوية النفسية يتم بطريقة عادية مثل غيرها من الأدوية، والذي تم بعد جهود مضنية قام بها بعض المخلصين
من المختصين العرب، الذين لم يروا ما يدعو لبقاء تلك الأدوية تحت الرقابة الدوائية، إضافة إلى الأثر الاجتماعي السلبي لبقاء الحال
كما كان عليه. ولقد تم استثناء بعض أدوية القلق ومجموعة قليلة أخرى، نظراً لاحتمال استخدام بعض الناس لها بطريقة غير صحية.
ولعل بعض الناس يتخوف من الأدوية النفسية، لأن المريض النفسي قد يُقْدِمُ على الانتحار في أية لحظة مستخدماً جرعات كبيرة من
تلك العقاقير (الخطيرة في ظن أولئك البعض)، ولذلك فإنه ـ كما يعتقدون ـ يجب حظرها. والجدير ذكره هنا أن مختلف الأدوية الطبية
ـ تقريباً ـ لها آثار جانبية، وتسبب أضراراً قد لا تظهر مباشرة، وبعضها قد يؤدي إلى أضرار بالغة إن تعاطى المريض منها جرعات
كبيرة.
وعلى سبيل المثال فإن تعاطي 20 حبة بندول دفعة واحدة كاف لحدوث تلف في الكبد، وأن تعاطي 30 حبة بندول يؤدي إلى الموت
في أغلب الأحيان إلاّ أن يشاء الله. ومع ذلك يحرص بعض المسؤولين من غير المتخصصين على تقييد استخدام الأدوية النفسية خوفاً
من استخدامها في الانتحار، في حين أن علب البندول تزدحم بها أرفف الصيدليات والبقالات، بل ربما تجدها في بعض محطات الوقود
في الطرق السريعة!!
ـ أما النعاس والخمول فإنهما لا يحدثان بوصفهما أثرين جانبيين للأدوية النفسية فقط، بل يحدثان كذلك عند استخدام بعض الأدوية
الأخرى كأدوية السعال التي يحتوي بعضها على بعض مشتقات الأفيون!!. ونظراً لجهل الناس بذلك ونظرتهم السلبية للأمراض النفسية،
فإنهم يفسرون بحذر أية آثار جانبية تحدث بسبب استخدام الأدوية النفسية أكثر من تلك التي تحدث عند استخدام أدوية أخرى.
ـ أنه كما توجد أمراض نفسية مزمنة تستدعي علاجاً مستديماً، فإنه توجد أيضاً أمراض عضوية تستدعي علاجاً مستديماً، مثل السكر
والضغط وغيرها كثير. وفي حين أن إيقاف مرضى السكر والضغط وغيرها من الأمراض العضوية استخدام الأدوية قد يؤدي إلى أضرار
خطيرة، قد تصل إلى الموت في بعض الأحيان، فإن إيقاف المريض النفسي الأدوية النفسية لا يؤدي في العادة إلى مثل ذلك.
ـ إن اعتماد بعض المعالجين بالقرآن (الرقاة) ـ هداهم الله ـ على عواطفهم في نقد مثل هذا الأمر دون أن يكون لديهم خلفية علمية ضرره
أكثر من نفعه. ولعل اجتهاد أولئك الإخوة ربما كان بسبب حرصهم، وكذلك بسبب تقصير أهل الاختصاص في تثقيف الناس ونشر
الوعي الصحي بينهم.
ـ إن الطبيب النفسي هو الوحيد الذي يستطيع أن يقيّم فائدة الدواء النفسي واحتمال حدوث آثار جانبية، وأن يزن المفاسد والمصالح في إستخدام
دواء بعينه، وذلك لأن الطبيب غير النفسي لم يدرس سوى محاضرات بسيطة عن الطب النفسي أثناء مرحلة البكالوريوس، وهي لا تؤهله في
أي حال من الأحوال أن يفتي الناس فيما يتعلق بالأدوية النفسية. أما الصيدلي فإنه لم يدرس الأمراض النفسية، وإنما درس الدواء فقط، ولذا
فإنه غير مؤهل في تقييم حاجة مريض بعينه لدواء نفسي محدد، لأنه لا يدرك شدة المرض ولا أعراضه الإكلينكية الأخرى، ولذا فلا يحق له
أن يوجه المرضى بشأن أدويتهم النفسية. والذي يبدو لي أن الطبيب غير النفسي ينطلق في رؤيته من منطلقات اجتماعية كغيره من الناس،
لأنه لا يملك الحصيلة العلمية الكافية في الأمراض النفسية، وأما الصيدلي فربما يخجله أن يقول: ارجع إلى الطبيب واسأله مخافة أن يتهمه
المريض بالجهل، خصوصاً وأن عدداً كبيراً من المرضى اعتاد أن يسأل الصيادلة عن أي دواء يكتبه له الأطباء.
ـ إن الانتكاسة التي تحدث عند الانقطاع عن العلاج ليست دليلاً على الإدمان، بل هي دليل على أن العلاج لم يؤت ثماره بعد في القضاء
على العلَّة النفسية التي استخدم من أجلها. ولذلك لو عاد المريض ثانية لاستخدام العلاج لشعر بالتحسن ـ بإذن الله ـ، كما أنه لو استمر فيه
ولم يوقفه إلا بمشورة الطبيب فلن تحدث له عادة تلك الانتكاسة، التي تحدث عند الإيقاف المبكر للعلاج.
ـ نظراً لإصابة بعض الناس بالعلل النفسية، فإنهم يلجؤون خطأً إلى استخدام الكحول والمواد المخدرة بصفتها وسيلة للهروب من واقعهم.
وفي المقابل فإن بعض مدمني المخدرات تصيبهم العلل النفسية، فيصف لهم الأطباء النفسانيون بعض الأدوية النفسية مثلهم مثل غيرهم
من الناس. ولذلك فإنه يخطئ من يربط الأدوية النفسية بالمخدرات لا لشيء إلا لأنها تصرف للمرضى النفسيين من متعاطي المخدرات،
أو لأنها يمكن أن تستخدم في علاج فترات انسحاب المواد المخدرة من الجسم.
وبعد ذلك كله يجب أن نتذكر عدة أمور:
الأول: أن الأدوية النفسية لا تؤدي إلى الإدمان مطلقا باستثناء مجموعة صغيرة منها كبعض أدوية القلق، وذلك فقط إذا استخدمت
لفترة طويلة وبدون إشراف طبي مباشر من طبيب حاذق أمين.
الثاني: أن الآثار الجانبية البسيطة التي تحدث عند بعض الناس عند استخدام بعض الأدوية النفسية لا تعادل بأي شكل من الأشكال
تلك الفائدة المرجوة منها، إضافة إلى أن ترك علاج المرض يضر المريض بدرجة أكبر من الآثار الجانبية المؤقتة.
الثالث: أن بعض الأدوية النفسية ذات فعالية في علاج بعض الحالات غير النفسية كالصداع النصفي مثلاً.
والغريب في الأمر أن المرضى يَقْبَلُون دون تردد تناول تلك الأدوية إذا صرفها غير الطبيب النفساني!! وفي المقابل تجد بعض
المرضى يحذر من تناول بعض العقاقير غير النفسية إذا تم صرفها بواسطة طبيب نفساني كعقار الإنديرال (أحد أدوية القلب)
الذي يستخدم علاجاً مساعداً في بعض حالات القلق والمخاوف المرضية.
الرابع: أن بعض الناس يتردد تورعاً من استخدام بعض الأدوية النفسية، في حين أنه يَقْبَلُ دون نقاش تلك الممارسات غير
الشرعية ـ بل الشركية أحياناً ـ عند بعض من يتسمّون بأسماء المعالجين بالقرآن!!
ولذلك فإنه بمجرد ما يعلم بعض الناس عن قريب أو صديق أو ربما شخص قابله في مكان عام أنه يتناول أدوية نفسية حتى يبدأ
بتخويفه منها، ويسرد القصص والأمثلة عن أشخاص يعرفهم تناولوا أدوية نفسية ولم يستطيعوا الخلاص منها على حد زعمه.
ولذا فإننا نلاحظ أن عدداً ليس بالقليل من المرضى ينفق الوقت الطويل في مفاوضة طبيبه في صرف أقل جرعة ممكنة ولأقصر
مدة ما أمكن، نظراً لما يحمله الناس من خوف شديد من الأثر الغامض الذي يعتقدونه عند الدواء النفسي الذي يُعد الإدمان أحد
آثاره المعروفة ـ كما يظنون ـ .
ولعل هذا الاعتقاد جاء من عدة أمور منها:
ـ كان يتم صرف الأدوية النفسية ـ وللأسف أنه لا يزال كذلك في بعض المناطق ـ بوصفات خاصة ذات لون مختلف
عن الوصفات العادية، ولا يتم تسلمها إلا بعد إظهار البطاقة الشخصية، وتوقيع المريض أو ولي أمره خلف الوصفة الطبية.
ـ حدوث النعاس والخمول بصفتهما أثرين جانبيين لتلك الأدوية، مما يربطهما في حِسِّ كثيرٍ من الناس بآثار المخدرات.
ـ وجود بعض الأمراض النفسية المزمنة التي تستدعي العلاج المستديم، فيظن البعض أن عدم قدرة المريض على التكيف
مع الحياة والعيش بطمأنينة بدون تلك الأدوية هو بسبب إدمانه على الدواء، لا بسبب طبيعة تلك الأمراض التي تحتاج إلى علاج،
ربما يمتد مدى الحياة.
ـ تعميق بعض المعالجين بالقرآن (الرقاة) ـ هداهم الله ـ هذه النظرة الخاطئة في نفوس الناس، حيث يشترط بعض الرقاة للعلاج
بالقرآن أن يتوقف المريض أولاً عن تناول الأدوية النفسية لأنها ـ كما يزعمون ـ مخدرات تحبس الجنَّ في العروق !!،
وتنشّفُ الدماغ!! وتمنع بلوغ أثر القرآن!!.
ـ تعميق بعض الأطباء غير النفسيين وكذلك الصيادلة لهذا المفهوم في أذهان الناس.
ـ توقف بعض المرضى النفسيين عن تناول الأدوية عند حدوث بعض التحسن في حالاتهم النفسية، مما يؤدي إلى حدوث الانتكاسة،
فيظنون أن تلك الانتكاسة إنما حدثت بسبب إدمانهم تلك الأدوية.
ـ انتشار الأمراض النفسية بين مدمني المخدرات والكحول.
ولعلنا نتوقف مع هذه الأسباب ونناقشها بشيء من التفصيل حسب تسلسلها الذي ذكرناه:
ـ أصبح صرف أكثر الأدوية النفسية يتم بطريقة عادية مثل غيرها من الأدوية، والذي تم بعد جهود مضنية قام بها بعض المخلصين
من المختصين العرب، الذين لم يروا ما يدعو لبقاء تلك الأدوية تحت الرقابة الدوائية، إضافة إلى الأثر الاجتماعي السلبي لبقاء الحال
كما كان عليه. ولقد تم استثناء بعض أدوية القلق ومجموعة قليلة أخرى، نظراً لاحتمال استخدام بعض الناس لها بطريقة غير صحية.
ولعل بعض الناس يتخوف من الأدوية النفسية، لأن المريض النفسي قد يُقْدِمُ على الانتحار في أية لحظة مستخدماً جرعات كبيرة من
تلك العقاقير (الخطيرة في ظن أولئك البعض)، ولذلك فإنه ـ كما يعتقدون ـ يجب حظرها. والجدير ذكره هنا أن مختلف الأدوية الطبية
ـ تقريباً ـ لها آثار جانبية، وتسبب أضراراً قد لا تظهر مباشرة، وبعضها قد يؤدي إلى أضرار بالغة إن تعاطى المريض منها جرعات
كبيرة.
وعلى سبيل المثال فإن تعاطي 20 حبة بندول دفعة واحدة كاف لحدوث تلف في الكبد، وأن تعاطي 30 حبة بندول يؤدي إلى الموت
في أغلب الأحيان إلاّ أن يشاء الله. ومع ذلك يحرص بعض المسؤولين من غير المتخصصين على تقييد استخدام الأدوية النفسية خوفاً
من استخدامها في الانتحار، في حين أن علب البندول تزدحم بها أرفف الصيدليات والبقالات، بل ربما تجدها في بعض محطات الوقود
في الطرق السريعة!!
ـ أما النعاس والخمول فإنهما لا يحدثان بوصفهما أثرين جانبيين للأدوية النفسية فقط، بل يحدثان كذلك عند استخدام بعض الأدوية
الأخرى كأدوية السعال التي يحتوي بعضها على بعض مشتقات الأفيون!!. ونظراً لجهل الناس بذلك ونظرتهم السلبية للأمراض النفسية،
فإنهم يفسرون بحذر أية آثار جانبية تحدث بسبب استخدام الأدوية النفسية أكثر من تلك التي تحدث عند استخدام أدوية أخرى.
ـ أنه كما توجد أمراض نفسية مزمنة تستدعي علاجاً مستديماً، فإنه توجد أيضاً أمراض عضوية تستدعي علاجاً مستديماً، مثل السكر
والضغط وغيرها كثير. وفي حين أن إيقاف مرضى السكر والضغط وغيرها من الأمراض العضوية استخدام الأدوية قد يؤدي إلى أضرار
خطيرة، قد تصل إلى الموت في بعض الأحيان، فإن إيقاف المريض النفسي الأدوية النفسية لا يؤدي في العادة إلى مثل ذلك.
ـ إن اعتماد بعض المعالجين بالقرآن (الرقاة) ـ هداهم الله ـ على عواطفهم في نقد مثل هذا الأمر دون أن يكون لديهم خلفية علمية ضرره
أكثر من نفعه. ولعل اجتهاد أولئك الإخوة ربما كان بسبب حرصهم، وكذلك بسبب تقصير أهل الاختصاص في تثقيف الناس ونشر
الوعي الصحي بينهم.
ـ إن الطبيب النفسي هو الوحيد الذي يستطيع أن يقيّم فائدة الدواء النفسي واحتمال حدوث آثار جانبية، وأن يزن المفاسد والمصالح في إستخدام
دواء بعينه، وذلك لأن الطبيب غير النفسي لم يدرس سوى محاضرات بسيطة عن الطب النفسي أثناء مرحلة البكالوريوس، وهي لا تؤهله في
أي حال من الأحوال أن يفتي الناس فيما يتعلق بالأدوية النفسية. أما الصيدلي فإنه لم يدرس الأمراض النفسية، وإنما درس الدواء فقط، ولذا
فإنه غير مؤهل في تقييم حاجة مريض بعينه لدواء نفسي محدد، لأنه لا يدرك شدة المرض ولا أعراضه الإكلينكية الأخرى، ولذا فلا يحق له
أن يوجه المرضى بشأن أدويتهم النفسية. والذي يبدو لي أن الطبيب غير النفسي ينطلق في رؤيته من منطلقات اجتماعية كغيره من الناس،
لأنه لا يملك الحصيلة العلمية الكافية في الأمراض النفسية، وأما الصيدلي فربما يخجله أن يقول: ارجع إلى الطبيب واسأله مخافة أن يتهمه
المريض بالجهل، خصوصاً وأن عدداً كبيراً من المرضى اعتاد أن يسأل الصيادلة عن أي دواء يكتبه له الأطباء.
ـ إن الانتكاسة التي تحدث عند الانقطاع عن العلاج ليست دليلاً على الإدمان، بل هي دليل على أن العلاج لم يؤت ثماره بعد في القضاء
على العلَّة النفسية التي استخدم من أجلها. ولذلك لو عاد المريض ثانية لاستخدام العلاج لشعر بالتحسن ـ بإذن الله ـ، كما أنه لو استمر فيه
ولم يوقفه إلا بمشورة الطبيب فلن تحدث له عادة تلك الانتكاسة، التي تحدث عند الإيقاف المبكر للعلاج.
ـ نظراً لإصابة بعض الناس بالعلل النفسية، فإنهم يلجؤون خطأً إلى استخدام الكحول والمواد المخدرة بصفتها وسيلة للهروب من واقعهم.
وفي المقابل فإن بعض مدمني المخدرات تصيبهم العلل النفسية، فيصف لهم الأطباء النفسانيون بعض الأدوية النفسية مثلهم مثل غيرهم
من الناس. ولذلك فإنه يخطئ من يربط الأدوية النفسية بالمخدرات لا لشيء إلا لأنها تصرف للمرضى النفسيين من متعاطي المخدرات،
أو لأنها يمكن أن تستخدم في علاج فترات انسحاب المواد المخدرة من الجسم.
وبعد ذلك كله يجب أن نتذكر عدة أمور:
الأول: أن الأدوية النفسية لا تؤدي إلى الإدمان مطلقا باستثناء مجموعة صغيرة منها كبعض أدوية القلق، وذلك فقط إذا استخدمت
لفترة طويلة وبدون إشراف طبي مباشر من طبيب حاذق أمين.
الثاني: أن الآثار الجانبية البسيطة التي تحدث عند بعض الناس عند استخدام بعض الأدوية النفسية لا تعادل بأي شكل من الأشكال
تلك الفائدة المرجوة منها، إضافة إلى أن ترك علاج المرض يضر المريض بدرجة أكبر من الآثار الجانبية المؤقتة.
الثالث: أن بعض الأدوية النفسية ذات فعالية في علاج بعض الحالات غير النفسية كالصداع النصفي مثلاً.
والغريب في الأمر أن المرضى يَقْبَلُون دون تردد تناول تلك الأدوية إذا صرفها غير الطبيب النفساني!! وفي المقابل تجد بعض
المرضى يحذر من تناول بعض العقاقير غير النفسية إذا تم صرفها بواسطة طبيب نفساني كعقار الإنديرال (أحد أدوية القلب)
الذي يستخدم علاجاً مساعداً في بعض حالات القلق والمخاوف المرضية.
الرابع: أن بعض الناس يتردد تورعاً من استخدام بعض الأدوية النفسية، في حين أنه يَقْبَلُ دون نقاش تلك الممارسات غير
الشرعية ـ بل الشركية أحياناً ـ عند بعض من يتسمّون بأسماء المعالجين بالقرآن!!