هل المعالج النفسي غير مستقر نفسيًّا؟
هل المعالج النفسي غير مستقر نفسيًّا؟
اعتقاد بعض الناس أن المعالج النفسي غير مستقر نفسيًّا، فكيف ننشد العلاج عنده؟!.
وهذا الاعتقاد إنما هو موروث غربي تلقفته المجتمعات الشرقية، وذلك لأن العلاج النفسي في بداياته كان يعتمد على التحليل النفسي والنظر
في مشاعر الفرد وخلجاته التي ربما لا يشعر بها، وتقديم تحليل نفسي لها، وهو ما جعل المعالج يبدو في نظر بعض الناس غريباً وذا قدرات خاصة،
مما جعلهم ينسجون حوله الخيالات والأساطير.
وفي الحقيقة فإن المعالج النفسي ما هو إلا إنسان عادي تماماً، قد درس الطب النفسي أو علم النفس فاختار التخصص فيه دون سواه.
ولا أنكر أبداً أن من المعالجين النفسيين من هو غير مستقر نفسيًّا، لكنهم ندرة ولله الحمد، مثلهم في ذلك مثل أي مجموعة أخرى من الناس.
ولقد أجريت بعض الدراسات العلمية حول هذا الأمر فلم يوجد فرق إحصائي واضح يثبت أن أطباء النفس أكثر اضطراباً نفسيًّا من غيرهم.
ويبدو أن تركيز الناس في نقدهم على المعالجين النفسيين دون غيرهم له دور كبير في ذلك، إضافة إلى أنه ربما أن هناك بعضاً من المعالجين
النفسيين ـ وهم ندرة حسب رأيي ـ اختاروا التخصص في العلاج النفسي لما يعانونه من بعض المشاعر التي يبحثون لها عن علاج، والتي قد
تبدو على تصرفاتهم بعض الشيء، فيلاحظها الناس ثم يفسرونها كما يحلو لهم، ولو كانت عند غيرهم من الأطباء لما لاحظوها.
وفي المقابل فليست هناك إحصائيات موثوقة تثبت أن المعالجين النفسيين أكثر استقراراً نفسيًّا من غيرهم، ولكنهم ـ
يفترض أن يكونوا ـ أكثر إدراكاً للنفس البشرية، ويستطيعون أن يتعاملوا معها بطريقة أفضل من غيرهم.
ويعتقد بعض الناس أنه قد تتأثر مع الزمن نفسية المعالج النفسي فتصيبه بعض العلل النفسية!!. وفي الحقيقة أن هذا اعتقاد لا أصل له، وإنما هو
مجموعة من الأوهام نشأت بسبب النظرة الاجتماعية المتوجسة من العلاج النفسي. ولعلي هنا أذكر مقولة أحد زملائي الأفاضل الذي اعتاد أن
يجيب من يسأله عن مثل ذلك بقوله: إذا كان طبيب النساء والولادة ينتابه الحيض والنفاس بعد فترة من ممارسة تخصصه، وأن طبيب الأطفال كلما
زادت خبرته صغر حجمه حتى يعود في بطن أمه، فإن الطبيب النفساني ـ ولا شك ـ يعتريه بعض بل كل الأمراض النفسية!!.